1) أقسام الناس في صيام رمضان :
ينقسم الناس في صيام رمضان إلى أقسام ثلاثة :
الأول : من يحرم عليه الفطر ويجب عليه الصوم .
وهو المسلم البالغ العاقل المقيم القادر عليه . فمن لم يكن له عذر يبيح الفطر ، يجب عليه الصوم ويحرم عليه الفطر ؛ لأن صوم رمضان فريضة واجبة ، لا تبرأ الذمة إلا بأدائه .
- فإن أفطر عامداً في نهار رمضان ، فيجب عليه ثلاثة أمور :
أ ) الإمساك بقية اليوم ؛ تعظيماً لشهر رمضان ومراعاة لحرمته ، ولأنه مأمور بالإمساك جميع النهار، فمخالفته في بعضه لا يبيح له المخالفة في الباقي .
ب) قضاء اليوم الذي أفطر فيه ؛ لحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (... وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَعَلَيهِ القَضَاءُ) [رواه الترمذي وابن ماجه، بإسناد صحيح] ، فبين أن من تعمد إبطال صومه فإن ذمته لا تبرأ إلا بصيام يوم مكانه قضاءً .
ج) التوبة والاستغفار ؛ لأنه بتعمده الفطر قد أتى بمنكر عظيم وارتكب كبيرة من الكبائر ، فيلزمه أن يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً .
الثاني : من يجب عليه الفطر ويحرم عليه الصوم .
فهؤلاء يحرم عليهم الصوم ويجب عليهم الفطر ، وهم :
أ ) الحائض والنفساء : لحديث مُعاذة قالت : (سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الحَائِضِ تَقْضِى الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّى أَسْأَلُ. قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ) [رواه مسلم] .
ب) من يحتاج إلى الفطر لإنقاذ معصوم من مهلكة ؛ كإنقاذ الغريق أو المحاصر بالنيران : لأن هذه ضرورة أبيح معها فعل المحظور، ولأن الصوم يمكن تداركه بالقضاء ، بخلاف النفس المعصومة فلا يمكن تداركها إذا هلكت .
الثالث : من يُسنُّ أو يُباح له الفطر . وهم :
أ ) المسافر الذي يباح له قصر الصلاة : وذلك لقول الله تعالى : ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فعدَّة من أيَّام أُخَرَ﴾ [البقرة:184].
- والأفضل في حق المسافر الفطر ؛ لحديث جابر بن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَيْسَ مِنَ البِرِّ أَنْ تَصُومُوا في السَّفَرِ) [رواه مسلم] ، فإن صام أجزأه لحديث حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: (يَا رَسُولَ الله أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ في السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ الله فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ) [رواه مسلم].
ب) المريض : وهو الذي أصيب بعلة أو مرض يشق معه الصوم أو يؤدي إلى تأخر شفائه. فيباح له الفطر لقول الله تعالى : )فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فعدَّة من أيَّام أُخَرَ( [البقرة:184]. وقد سبق تفصيل أحوال المريض وما يترتب عليه من قضاء أو إطعام .
ج) الحامل والمرضع : يباح للحامل والمرضع الإفطار في نهار رمضان لأحد سببين:
- أن تخافا على نفسيهما : فيباح لهما الفطر وعليهما القضاء فقط من غير إطعام ؛ لأنهما بمنزلة المريض الذي يخاف على نفسه.
- أن تخافا على ولديهما : فيباح لهما الفطر ويجب عليهما القضاء؛ لأنهما يطيقان الصيام، وعلى وليِّ الولد أن يطعم عن كل يوم أفطرتاه مسكيناً ، ؛ لقول الله تعالى : )وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ( [البقرة: 184] ؛ قال ابن عباس : (... وَالحُبْلَى وَالمُرْضِعُ إِذَا خَافَتا – قال أبو داود: يعني عَلَى أَولادِهِما- أَفْطَرَتا وَأَطْعَمَتا) [رواه أبو داود، وإسناده صحيح].
2) أحكام زوال أعذار الصيام في نهار رمضان :
وكل من زال عذره المانع من الصيام في أثناء نهار رمضان وهو مفطر؛ كالكافر إذا أسلم، والحائض والنفساء إذا طهرتا ، والمريض إذا برئ من مرضه ، والمسافر إذا قدم من سفره إلى محل إقامته ، والمجنون إذا أفاق من جنونه ، فيلزمه أمران :
أ ) الإمساك بقية النهار ؛ مراعاة لحرمة الشهر ، وزوال السبب المبيح للفطر. ولأن الإمساك لو وجد قبل الفجر أوجب الصيام، فإذا طرأ بعد الفجر أوجب الإمساك، كما لو ثبت الشهر بالرؤية في أثناء النهار .
ب) القضاء ؛ فمن زال عذره قبل غروب الشمس عليه قضاء اليوم الذي زال عذره فيه ؛ لأنه أدرك بعض وقت العبادة فلزمه قضاؤها ، كالذي يدرك بعض وقت الصلاة .
- ومن أفطر لعذر في رمضان ، ليس له أن يصوم غيره فيه ؛ كصيام كفارة أو تطوع؛ لأن صيام رمضان عبادة وقتها لا يسع غير الفرض الذي فيه .
|