فإن كانت الاستعانةُ بالجنِّ فهي ممنوعةٌ، وقد تكون شركاً وكُفراً؛ لقولهِ تعالى: ]وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا[ [الجن:6]».
الثاني: مذهب المجيزين:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-(مجموع الفتاوى) (13/87): «...واستخدام الإنس لهم -يعني: للجنّ- مثل استخدام الإنس للإنس بشيء: منهم من يستخدمهم في المحرّمات من الفواحش، والظلم، والشرك، والقول على اللـه بلا علم، وقد يظنّون ذلك من كرامات الصالحين، وإنّما هو من أفعال الشياطين .
ومنهم من يستخدمهم في أمور مباحة؛ إمّا إحضار ماله،أو دلالة على مكان فيه مال ليس له مالك معصوم، أو دفع من يؤذيه ونحو ذلك؛ فهذا كاستعانة الإنس بعضهم ببعض في ذلك .
والنوع الثالث: أن يستعملهم في طاعة اللّه ورسوله؛ كما يستعمل الإنس في مثل ذلك، فيأمرهم بما أمر اللّه به ورسوله، وينهاهم عما نهاهم اللّه عنه ورسوله كما يأمر الإنس وينهاهم، وهذه حال نبينا r وحال من اتبعه واقتدى به من أمّته، وهم أفضل الخلق؛ فإنّهم يأمرون الإنس والجنّ بما أمرهم اللّه به ورسوله، وينهون الإنس والجنّ عمّا نهاهم الله عنه ورسوله».
والله أعلم، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه، وسلّم
* فتوى لجنة الإفتاء بقطاع الإفتاء والبحوث الشرعيّة بوزارة الأوقاف الكويتيّة:
جاء في (مجموعة الفتاوى الشّرعيّة الصادرة عن قطاع الإفتاء والبحوث الشّرعيّة) (7/50) جواباً عن سؤال طويل حول تداول كتب تتعلق بالشعوذة والطب والأذكار ما نصُّه:
«إنّ ما يذكر في هذه الكتب الطبيّة: إن كان من الأدويّة النباتيّة أو الحيوانيّة أو المواد الكيماويّة؛ فتعرف صحّته بالتجربة أو بإخبار طبيب ثقة.
وأما ما كان منها بالاستعانة بالله تعالى والأدعية والتعويذات المأثورة عن النبي r أو عن السلف الصالح؛ فلا بأس بها.
وأما ما كان منها استعانة بالشياطين أو الجنّ أو النجوم أو استعمال الأشكال الهندسية والأسماء المجهولة؛ فكلُّ ذلك لا يجوز، وقد يصل إلى الشرك والكفر.
والكتب المتضمنة لهذه الأمور المحرّمة لا ينبغي تداولها إلاّ لمن يعرف بطلانها. والله أعلم».
* فتوى اللجنة الدّائمة للإفتاء بالسّعوديّة:
جاء في (فتاوى اللّجنة الدّائمة) (27/92) -جواباً عن السّؤال التّالي: ما حكمُ الاستعانةِ بالجانّ في معرفة العين أو السِّحر، وكذلك تصديق الجنِّيّ المتلبِّس بالمريض بدعوى السِّحر والعين والبناء على دعواه؟- ما نصُّه:
«... لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها؛ لأنّ الاستعانةَ بالجنّ شركٌ ، قال تعالى : ]وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا[ [الجن:6]، وقال تعالى : ] وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّـهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ[ [الأنعام 12] ، ومعنى استمتاع بعضهم ببعض: أنّ الإنس عظّموا الجنّ، وخضعوا لهم واستعاذوا بهم، والجنّ خدموهم بما يريدون وأحضروا لهم ما يطلبون، ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه ممّا يطلع عليه الجن دون الإنس ؛ وقد يكذبون فإنهم لا يُؤمَنون، ولا يجوز تصديقهم. والله أعلم».
إدارة الإفتاء
_________________
(1) وقول الإمام أحمد في الأمر: (لا أحبّه) اختلف فيه الأصحاب على ثلاثة أقوال؛ فقيل: إنّه للتّحريم، وقيل: إنّه لكراهة التّنزيه، وقال بعضهم: الأولى النّظر إلى القرائن. انظر: (الإنصاف) للمرداوي (12/248).