إدارة الإفتاء

خـاتم الأنبيـاء

خـاتم الأنبيـاء 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغرِّ المُحَجَّلين ، سيدنا ونبيِّا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد ...

فإن الحديث عن نبيينا محمد r  ليس كحديثٍ عن غيره ؛ إنه حديث عن أعظم إنسانٍ خلقه الله عز وجل ، وأكمل بشرٍ مشى على ظهر هذه الأرض ،  وأفضل رسول أرسله الله جلَّ وعلا إلى هذه البشرية ، فهو إذاً سيّد العالمين ، وإمام المتقين ، وخاتم النَّبيين  ، وحبيب ربِّ العالمين .  وفي هذه الصفحات القليلة نحاول أن نُعرِّف القارئ الكريم  بشيءٍ مما يتعلق بشخصيته r وحياته وسيرته ؛ فنقول وبالله التوفيق : 

E هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ... ينتهي نسبه إلى نبي الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام . وأما أُمُّه فهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة . وقد ولدته أُمُّه سَويّ الخِلْقة، جميل الصورة، صحيح الجسم . وكانت ولادته عام الفيل الموافق لعام خمسمائة وإحدى وسبعين  للميلاد .

E وُلد في مكة المكرمة ، ونشأ بها يتيماً ؛ فقد مات أبوه وهو حَمْلٌ في بطن أمه  ، ثم ماتت أمه وهو في السادسة من عمره ، فتكفَّل به جدّه عبد المطلب ثم مات ،  فتكفَّل به عمه أبو طالب ونشأ في كنفه ورعايته.

E عمل برعي الغنم في صباه كما هي سنّة الله مع أنبيائه ؛ قال r : (مَا بَعَثَ الله نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ[رواه البخاري]. ثم عمل بالتجارة ، وتزوج من السيدة الفاضلة العاقلة خديجة بنت خويلد القرشيّة رضي الله عنها ، وأنجب منها من الذكور : القاسم ، وهو الذي كان يُكنَّى به ، وعبد الله . ومن الإناث : زينب ، ورُقيّة ،  وأُمّ كلثوم ، وفاطمة رضي الله عنهم جميعا . وأنجب إبراهيم من السيدة مارية القبطية التي أهداها إليه المُقَوْقس مَلِك مصر في زمانه ، وقد مات جميع الذكور في حياته وهم صغار ، وأما بناته فماتوا أيضاً في حياته لكن بعدما كبرنَّ وأسلمنَّ وتزوجنَّ ، إلا فاطمة رضي الله عنها فإنها ماتت بعده بستة أشهر.

E شبَّ نبينا r على الأخلاق الفاضلة الكريمة ، والخصال الجميلة الحميدة حتى عُرف بين قومه بالصادق الأمين . وبالرغم من العادات السيئة التي كانت موجودة في وقته وفي بيئته ؛ كشرب الخمر إلا أنه لم يكن  يفعل شيئاً من ذلك ؛ فلم يشرب خمراً قط ، وبرغم عبادة قومه للأوثان والأصنام التي صنعوها بأيديهم  -وكانت عبادة الأصنام منتشرة انتشاراً كبيراً عند العرب فكان لكل قبيلة صنم يعبدونه من دون الله عز وجل-  برغم ذلك كله فقد صانه الله عز وجل؛ فلم يسجد لصنمٍ قط ، ولم يحضر حفلاً من الحفلات التي كانوا يمارسون فيها طقوسهم الكُفْرية ، ولم يعمل شيئاً مما كان يعمله قومه من الفواحش والمنكرات.

E وكانت أخلاقه وأحواله تدل على اصطفاء واختيار الله عز وجل له ؛ لهداية الناس إلى الله، وردِّهم إلى جادة الصواب، وإلى الفطرة السليمة  التي هي عبادة الله وحده لا شريك له.

E وعلى رأس الأربعين من عمره ، ومع اكتمال قُواه العقلية والبدنية أرسل الله عز وجل إليه أمين الوحي جبريل عليه السلام؛ ليُعْلِمه أنه رسول الله إلى الناس كافة ، وأنه مُكلَّف بدعوة الناس إلى عبادة الله وحده، وإلى دين الإسلام الذي ارتضاه الله عز وجلَّ وختم به الرسالات، وأنزل عليه القرآن ليقرأه على الناس، وينذرهم به، ويكون دستوراً ومنهجاً لحياتهم.

E ومن وقتها نشط النبي r يدعو الناس إلى عبادة الله وحده وتَرْكِ ما هم عليه من عبادة الأوثان، وأخذ يقرأ عليهم كلام الله عز وجل الذي كان يتنزل عليه، فكذَّبه قومه، وعاندوه، وآذوه، ورموه بالجنون تارة وبالسحر تارة،  وأخذوا يصدون الناس عنه وينهونهم عن إتباعه وتصديقه، وبرغم ذلك كلِّه آمن به بعض الناس، وكان على رأسهم زوجته خديجة، وصديقه أبو بكر، وابن عمه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً، ثم توالى دخول الناس في دين الله، فاشتدَّ عليه أذى المشركين، وتعرض أصحابه وأتباعه لأشدِّ ألوان الأذى والتعذيب  حتى قُتل بعضهم ، فأمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة، ثم هاجر هو أيضاً إلى المدينة، وهناك جعل الله عز وجل له أنصاراً وأعواناً ينصرونه، وينصرون دينه حتى مَكَّن الله له ولدينه، وانتشر الإسلام في جزيرة العرب، وفُتحت مكة بلده، وبلد الله الحرام، وهُدّمت الأصنام، وسُوّيت القبور المُشْرفة –المرتفعة عن الأرض-؛ إتّباعاً للعقيدة، وإظهاراً للتوحيد، وإيذاناً بانتهاء دولة الشرك والوثنية في جزيرة العرب؛ قال عليّ رضي الله عنه لأبي الهَيّاج الأسديّ : (أَلاَّ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ الله r ؟- وكان بَعْث عليٍّ رضي الله عنه بعد فتح مكة - أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ). [رواه مسلم] . وأقرَّ الله عز وجل عينه بعز الإسلام وظهور المسلمين ، ثم تَوفَّاه الله عز وجلَّ وعمره ثلاث وستون سنة ؛ أربعون منها قبل النبوة ، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً.

E وبه ختم الله عز جلَّ الأنبياء والرسل ، وختم بشريعته جميع الشرائع ؛ فلا نبي بعده ، ولا شريعة بعد شريعته ، وشريعته ناسخة لجميع الشرائع السابقة ، فلا إيمان لأحدٍ حتى يؤمن به ويتبعه على دينه وشريعته ؛ قال النبي r : (وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) [رواه مسلم] .

E وبعدما توفاه الله عز وجل تابع أصحابه مسيرته ، وبلَّغوا دعوته ، وفتحوا البلدان بالإسلام ، ونشروا الدِّين الحق حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها . ودينه باقٍ إلى يوم القيامة.

 

من أخلاق النبي r :

كان النبي r أحسن الناس أخلاقاً ، وأعلاهم فضائل وآداباً، امتاز بذلك في الجاهلية قبل عهد النبوة فكيف بأخلاقه بعد النبوة ؟ وقد خاطبه ربُّه تبارك وتعالى بقوله له)وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ( [القلم:4]. لقد أدَّبهُ ربُّه فأحسن تأديبه، وربَّاه فأحسن تربيته، فكان خُلُقهُ القرآن الكريم، يتأدب به، ويؤدب الناس به ، فمن أخلاقه الكريمة :

 أنه r كان أحلم الناس، وأعدلهم، وأعفَّهم، وأكرمهم، وأشجعهم. وكان أشدّ الناس تواضعاً؛ يصلح نعله بنفسه، ويخيط ثوبه، ويُعِين زوجته في المنزل ويساعدها . يجيب الدعوة من أيّ أحد، ويقبل الهدية ولو قَلَّت، ويكافئ عليها، وكان يغضب لربِّه، ولا يغضب لنفسه، وكان يجوع أحياناً فيعصب الحجر على بطنه من الجوع، وأحياناً  يأكل ما حضر، ولا يردُّ ما وجد من المباح، ولا يَعيب طعاماً قط إن اشتهاه أكله ، وإن لم يشتهه تركه . وكان يلبس ما وجد من المباح ، ويركب ما تيسَّر ؛ مرة فرساً ، ومرة جملاً ، ومرة بغلة ، ومرة حماراً، أو يمشي راجلاً حافياً . يجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، ويصل ذوي القرابة والرحم من غير أن يُميّزهم على من هو أفضل منهم. ولم يكن قاسياً، ولا غليظاً، ولا صخَّاباً - أي يصيح ويصرخ -  في الأسواق ، وما كان يقابل السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح ،  ويقبل معذرة من اعتذر إليه . يمزح ولا يقول إلا حقاً ، ويضحك من غير قهقهة. وكان أشد الناس حياءً  . وكان يعود المرضى، ويشهد الجنائز، ويمشي وحده بين أعدائه بلا حارس. لا يحتقر فقيراً لفقره, ولا يهاب مَلِكاً لِمُلْكِهِ .وكان من خُلُقه أنْ يبدأ مَنْ لقيه بالسلام ، وإذا لقي أحداً من أصحابه بدأه بالمصافحة ، ولا يأتيه أحد إلا قام معه في حاجته . وكان يدعو أصحابه بِكُناهم –أي يخاطب الواحد من صحابته فيقول : يا أبا فلان- ؛ إكراماً لهم، واستمالة لقلوبهم . وكان أرحم الناس بالناس، وخير الناس للناس، وأنفع الناس للناس.

وكان يحب اليسر، ويكره العسر، ولا يواجه أحداً بما يكره، ومن رآه بديهة هابه، ومن خالطه أحبه. وكان لا يمضي عليه وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لابد له منه من صلاح نفسه . هذه بعض أخلاقه الكريمة ، وصفاته الجميلة فتبارك مَنْ أدَّبه وعلَّمه وربَّاه .

 

بشارات الأنبياء السابقين به :

E لقد حدثنا القرآن الكريم عن بشارات الأنبياء السابقين ببعثته r ، وأن ذِكْره موجود في الكتب السابقة ، ومن ذلك قول الله عز وجلَّ : )وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ( [آل عمران:81] .  فقد دلَّت هذه الأية -كما قال بعض أهل العلم - على أنّ الله أخذ العهد والميثاق على كلّ نبيٍ لئن بُعث محمد r في حياته ليؤمنن به ، ويترك شرعه لشرعه.  ويُفهم من هذا : أن ذِكْرَه موجود عند كل الأنبياء السابقين .

E وقال الله عز وجلّ عنه - وذلك في سياق الحديث عن قوم موسى عليه السلام - : )عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ( [الأعراف: 156-157] .

 E وأخبرنا الله عز وجل أن عيسى عليه السلام بشَّر برسولنا محمد r؛ فقال عز وجلَّ:

)َإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ( [الصف: 6[ .

و(أحمد) من أسماء نبيّنا محمد r كما ثبت في صحيح البخاري ومسلم عن جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله r يقول : (إِنَّ لِى أَسْمَاءً أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِى الَّذِى يَمْحُو اللَّهُ بِىَ الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَىَّ وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِى لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ) .

E وثبت عن النبي r أنه قال : (إني عند الله مكتوب : خاتم النبيين وإنَّ آدم لمُنْجَدِل في طينته، وسأخبركم بأول أمري: دعوة إبراهيم ، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت -في المنام- حين وضعتني وقد خرج لها نور أضاء لها منه قصور الشام) [رواه الطبراني في الكبير، والبغوي في شرح السنة، بإسناد صحيح] .

E وجاء وصفه r في التوراة ؛ فعن عطاء بن يسار قال : (لَقِيتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ الله r فِي التَّوْرَاةِ. قَالَ: أَجَلْ وَالله إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي الْقُرْآنِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلا يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ الله حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلاَّ الله، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا[رواه البخاري] . وغير ذلك من البشارات ببعثته r .

E ولقد كانت هذه البشارات ذائعة ومنتشرة قبل بعثة النبي r ، وكان الذي يتولى إذاعتها ونشرها هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ؛ زعماً منهم أنهم سيتابعون صاحبها عند بعثته ، لكن وللأسف لما بُعث النبي r ، وعرفوه ، ورأوا صفته كما جاءت في كتبهم كفروا به وكذبوه وحاربوه ؛ قال الله عز وجل: )فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ...( [البقرة:  89] . هذا في الوقت الذي انتفع به كثير من أهل المدينة النبوية بسماع هذه البشارات منهم ، فما إنْ سمعوا ببعثة النبي r حتى سارعوا إلى الإيمان به وإتباعه ، ونقلوا لنا أحاديث اليهود قبل البعثة عن هذه البشارات .   

 

معجزاته r :

E لقد أيَّد الله عز وجل رسله بالآيات والمعجزات ، وهي أمور خارقة للعادة يجريها الله عز وجل على أيديهم ؛ تصديقاً وتأييداً لهم ، وبرهاناً على الحق الذي معهم ، فما من نبيٍّ من الأنبياء إلا وجعل الله عز وجل معه من الآيات ما يدل على صدقه ؛ كما قال النبي r (مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ قَدْ أُعْطِىَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى الله إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [متفق عليه] .

E وكان لنبينا حظٌّ وافر من هذه الآيات وتلك المعجزات ؛ فقد أيَّده الله عز وجل بكثير من المعجزات الدَّالة على صدقه ، وأنه مُرسل من عند ربِّه عز وجلَّ  ، و على رأس هذه المعجزات : القرآن الكريم ، كتاب الله الخالد الذي لا يطرأ عليه التغيير ولا التبديل ، قال الله تعالى: )وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ( [فصلت: 41-42] .

E فقد تحدى بهذا الكتاب فصحاء العرب -وكانت الفصاحة والبيان وجودة القول أعظم ما برع فيه العرب –  تحدَّاهم أن يأتوا بمثله أو بمثل بعض آياته فعجزوا ، ثم أعلمهم بأنّه لو اجتمع الإنس والجنّ كلهم على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ما استطاعوا أن يأتوا بمثله، قال الله تعالى :  )قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا( [الإسراء: 88] .

E ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام العظيمة أيضاً :الإسراء والمعراج ؛ قال الله عز وجلّ : )سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى( [الإسراء: 1] . فقد أخذه جبريل عليه السلام وسار به ليلاً راكباً على دآبة يقال لها البراق من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس ، وهناك جمع الله له الأنبياء فصلى بهم إماماً، ثم عرج به -أي صعد به- جبريل عليه السلام  إلى السموات العلا ، وتجاوزها حتى وصل إلى مكان يُقال له سدرة المنتهى ورأي أموراً عظيمة منها : رؤيته لجبريل عليه السلام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عز وجل عليها ، ثم كلَّمه ربه وقرَّبه ، وفرض عليه الصلوات الخمس ؛ قال الله عز وجلَّ : )أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى( [النجم: 12-18] . ثم عاد إلى مكة ، وقد استغرق ذلك كله جزء من الليل ؛ فالله على كل شيء قدير .  

E ومن معجزاته أيضاً : إبراء المرضى : وقد حدث ذلك مع غير واحد من صحابته الكرام رضوان الله عليهم ، منهم : عليٌّ بن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة خيبر ، وذلك أن النبي r سأل عنه ليعطيه الراية فقال الصحابة للنبي r : هو يشتكي عينيه ، فاستدعاه النبي r وتفل في عينيه فبرأ بإذن الله وقام كأنْ لم يكن به وجع .

وغير ذلك كثير من معجزاته r التي أيده الله بها ؛ تأييداً وتصديقاً ونُصرةً له .   

 

خصائصه r :

لقد خص الله تبارك وتعالى نبينا محمدًا r بكثير من الخصائص والمناقب التي فضَّله بها على غيره من المرسلين ، وميَّزه بها عن سائر العالمين. وقد أشار النبي r إلى هذه المنحة الربانية، وتلك المنّة الإلهية فقال : (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي ...) [رواه البخاري ومسلم] . وفي رواية : (فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ ...) [رواه مسلم] . وفي رواية : (أُعْطِيتُ مَا لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ الأَنْبِيَاءِ ...) [رواه أحمد بإسناد حسن] . وفيما يلي نعرض لأهم هذه الخصائص :

E عموم رسالته لكافة الثقلين من الجن والإنس: فلابد لهم من إتباعه والإيمان برسالته؛ قال تعالى : )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا( [سبأ : 28] . وقال تعالى: )تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا( [الفرقان : 1] . وقال النبي r : (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي ... وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً) [رواه البخاري ومسلم] . وقال أيضاً r : (وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) [رواه مسلم] .

E أنه خاتم الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده ؛ قال الله تعالى : )مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ( [الأحزاب : 40] . وقال النبي r  : (إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلاَّ وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ! قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ) [رواه البخاري ومسلم] .

 E أنَّ أمته خير الأمم ، وأكثر أهل الجنة ؛ قال الله تعالى : )كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله( [آل عمران : 110] . وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ . قَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ . قَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ . قَالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ) [رواه البخاري ومسلم].

E أنه سيد ولد آدم يوم القيامة ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ) [رواه مسلم] .

E أنه صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة : وذلك عندما يشفع للناس في أن يقضي بينهم ربهم ، وذلك  بعد أن يطلب الإعفاء منها أفضل الرسل . وهذه الشفاعة هي المقام المحمود المذكور في قوله تعالى : )عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا( [الإسراء : 79] .

E أنه صاحب الوسيلة ، وهي درجة عالية في الجنة ، لا تكون إلا لعبد واحد ، وهي أعلى درجات الجنة ؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سَمِعَ النَّبِىَّ r يقول : ( إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا الله لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِى الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِى إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ) [رواه مسلم] .

إلى غير ذلك من خصائصه ومناقبه r الكثيرة ، والتي تدلُّ  على علو درجته عند ربه ، وسمو مكانته في الدنيا والآخرة.

 

حقوقه r على أُمَّته :

يجب على الأُمَّة تجاه النبي r أمور كثيرة ؛ قياماً بحقه r ، ومن ذلك :

E وجوب الإيمان بأنه r بلَّغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح للأمة ، فما من خيرٍ إلا ودلّ الأمة عليه ورغبها فيه ، وما من شر إلا ونهى الأمة عنه وحذرها منه . قال تعالى : )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا( [المائدة : 3] . وفي حجَّة الوداع خطبهم خطبة بليغة ؛ بيّن لهم فيها ما أوجبه الله عليهم ، وما حرَّمه عليهم ، وأوصاهم بكتاب الله إلى أن قال لهم : (وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّى فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ : اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ . ثَلاَثَ مَرَّاتٍ) [رواه مسلم] . وقال أبو ذر رضي الله عنه : (لَقَدْ تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ r وَمَا يُحَرِّكُ طَائِرٌ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إِلاَّ أَذْكَرَنَا مِنْهُ عِلْمًا[رواه أحمد وهو حديث حسن بمجموع طرقه] .

E محبته r وتقديمها على محبة النفس والولد والناس أجمعين ؛ قال r : ( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [رواه البخاري ومسلم] . ولمًّا قال عمر للنبي r : (يَا رَسُولَ الله لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِي، فَقَالَ النَّبِيُّ r :  لا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَالله لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِيُّ r : الآنَ يَا عُمَرُ) [رواه البخاري] .

E تعظيمه r وتوقيره وإجلاله . فإن هذا من حقوق النبي r التي أوجبها الله في كتابه. قال تعالى : )لِتُؤْمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ( [الفتح : 9] . قال ابن عباس رضي الله عنهما : تُعزِّروه: أي تُجِلّوه. وتوقروه: أي تُعظّموه. وتعظيمه r واجب بعد موته كتعظيمه في حياته ؛  وذلك عند ذكره r ، وذكر حديثه وسنّته ، وسماع اسمه وسيرته .

E الصلاة والتسليم عليه r، والإكثار من ذلك كما أمر الله سبحانه بذلك ؛ قال تعالى: )إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56] .

E تَجَنُّب الغُلو فيه والحذر من ذلك؛ فإن في ذلك أعظم الأذية له r . قال الله تعالى آمراً نبيّه r أن يخاطب الأمّة بقوله : )قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا( (الكهف : 110) . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ؛ فَقُولُوا: عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ) [رواه البخاري] . والإطراء  كما جاء في لسان العرب - : هو مُجاوَزَةُ الحَدِّ في المَدْحِ . وفي هذا تحذير منه r من الغلو فيه وإنزاله منزلة يختص بها الربُّ عز وجل .

E محبة أصحابه وأهل بيته وأزواجه وموالاتهم جميعًا والحذر من تَنقّصهم أو سبِّهم أو الطعن فيهم بشيء ؛ فإن الله تعالى قد أوجب على هذه الأمة موالاة أصحاب نبيه وحَثَّ مَنْ جاء بعدهم على الاستغفار لهم ، وسؤال الله أن لا يجعل في قلوبهم غلاًّ لهم . فقال بعد أن ذكر المهاجرين والأنصار : )وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ( [الحشر : 10] . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله r : (لاَ تَسُبُّوا أصحابي لاَ تَسُبُّوا أصحابي فَوَالَّذِي نفسي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ) [رواه البخاري ومسلم] .

فهذه بعض الحقوق الواجبة للنبي r على أمته . فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا من القائمين بها المحافظين عليها ، وأن يثبتنا على دينه وإتباع سنة نبيه r ، وأن يحشرنا تحت لوائه إنه سبحانه ولي ذلك ومولاه .

 

وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

 

بقلم /

أحمد عبد الوهاب

الباحث في إدارة الإفتاء

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - دولة الكويت - إدارة الإفتاء